تاريخ علم الأحياء biology




أصل المصطلح تشكل مصطلح الأحياء (Biology) من دمج اللفظة اليونانية (bios) وتعني الحياة مع اللفظة (logos) والتي تعني (دراسة ال..) لتكوّنا المصطلح بمفهومه الحديث, ويُعتقد أن كارل فريدريك بورداك قدمه بشكل مستقل عام 1800 وغوتفريد راينولد تريفيرانوس عام 1802 وجان بابتيست لامارك عام 1802, كما أن المصطلح في حد ذاته ظهر كعنوان للمجلد الثالث من كتاب كريستوف هانوف (طبيعة فلسفة المناذج الفيزيائية: علوم الأرض والعلوم الحياتية) الذي نُشر عام 1766. علم الأحياء في العصور القديمة اكتسب الإنسان الأول المعرفة بالنبات والحيوان التي جعلته قادراً على الصيد والزراعة, فعلى سبيل المثال عرفوا كيف يتجنبون النباتات السامة وطرق تربية الحيوانات, لذا سبق علم الأحياء تاريخ البشر المكتوب بأشواط. عرف سكان الشرق الأوائل منذ أمد بعيد كيف يلقحون النخل للحصول على التمر, ففي بلاد ما بين النهرين اكتشفوا أنه يمكن استخدام غبار الطلع في تخصيب المحاصيل, كما ذكرت أحد الأعمال من فترة حمورابي (1800 قبل الميلاد) زهرة شجرة النخيل كأحد المجالات التجارية.

وصفت النصوص الهندية بعض جوانب حياة الطيور وتم وصف الحشرات والضفادع في مصر, وعرف المصريون والبابليون علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء في هيئات مختلفة, وكانت الحيوانات في بلاد ما بين النهرين تحفظ في ما يمكن أن نطلق عليه أول حدائق للحيوانات. ورغم ذلك امتزجت المعتقدات الخرافية بالمعرفة الحقيقية, فاستعملت أعضاء الحيوانات في آشور وبابل في الشعوذة, ففي بابل وآشور استُعملت أعضاء حيوانات في أعمال السحر والتنبؤ وفي الطب المصري والتصوف. اهتمت المدارس العلمية عند الرومان والإغريق بالمنهجيات العقلانية, وكان أرسطو أحد أكثر الفلاسفة غزارة في الإنتاج في العصور القديمة, وقام بمشاهدات عديدة للطبيعة وبخاصة سلوك وخواص النبات والحيوان, كما خصص اهتماماً بنواحي تصنيف الكائنات الحية. كان بلايني مشهوراً في روما القديمة لمعرفته الواسعة بالنبات والطبيعة, وأصبح كلاوديوس غالين فيما بعد رائد الطب وعلم التشريح. علم الأحياء في العصور الوسطى يُطلق على هذه الفترة في بعض الأحيان بالعصر المظلم لعلم الأحياء, ومع ذلك أظهر البعض ممن مارسوا الطب اهتماماً بالنباتات والحيوانات, وقام العرب بترجمة العديد من المؤلفات الإغريقية للإستفادة منها, ومن المؤلفين العرب البارزين الجاحظ (توفي عام 868) الذي ألف كتاب (الحيوان). ألف الألماني ألبرتوس ماغنوس (أحد أساتذة توماس أكويناس) نحو 35 كتاباً, وكان مهتماً بتكاثر النباتات بشكل خاص, وناقش بالتفصيل النشاط الجنسي للنبات والحيوان. عصر النهضة درس العديد من فناني المدرسة الإفتراضية علم وظائف الأعضاء بالتفصيل وبشكل مثير للإهتمام إلى جانب اهتمامهم بأجسام الحيوان والبشر, ألف كل من أوتو برونفيلز وهيرونيموس بوك وليونارد فوكس عدة كتب حول النباتات البرية, وكان يُشار إليهم على أنهم آباء علم النبات. وتم تأليف كتب أخرى حول الحيوانات ككتب كونراد غيزنر وألبرت دور. علم الأحياء الحديث تطور علم الحياء قدماً مع تطور العلم في مجمله, حيث تم اختراع المجاهر الأولى, وبواسطتها تمكن أنتوني فان ليفينهوك (1632-1723) من فحص مكونات الدم, وعرف الناس الخلايا المنوية في ذلك الوقت على الرغم من انتشار أفكار ومعتقدات غريبة حول وظائفها. هيمن التصنيف والتنظيم على الأحياء خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر, وكان كارل فون لين (1707-1778) من أشهر شخصيات تلك الفترة, فقد قام بدراسة نظام علم تصنيف الأنواع بالأسماء العلمية اللاتينية.

 بدأت نظرية التوالد التلقائي بالتفتت والإنهيار, وكانت هذه النظرية تقول أن العضويات الحية التي تعيش فترات طويلة تنشأ من مواد غير حية, وتم تفنيدها أخيراً على يد لويس باستور. تطور علم الجينات الوراثية في القرن التاسع عشر عندما قام الراهب النمساوي غريغور مينديل بصياغة قوانين الوراثة عام 1866, ومع ذلك فإن أعماله لم تلقى الإهتمام الكافي لبضعة عقود. كان البريطاني تشارلز دارون العالم الذي أثر في علم الأحياء بنشره أفكاره في هذا المجال, وأشهر كتبه هو "حول أصل الأنواع" الذي نُشر عام 1859 الذي يصف الإنتقاء الطبيعي وهو آلية التطور الرئيسية.

أدت نتائج تطور المجالات خارج نطاق العلوم الصرفة إلى معارضة ومساندة من أطياف مختلفة في المجتمع.
 بحلول العام 1953 وضع جيمس واتسون وفرانسيس كريك أساس بنية الحمض النووي الريبي (DNA) وهو المكون الجيني لتجسيد الحياة في كل صورها وأشكالها. بعد النجاح في اكشاف بنية ال DNA, تحول كريك إلى دراسة الإدراك, وفي نفس الوقت جاءت الدراسات المتعلقة بالأحياء التطويرية في مقدمة المسائل التي لم تحل بعد, وجرت محاولات لاستنساخ النباتات والحيوانات, وأصاب بعضها النجاح إلا أنها خلفت أسئلة تتعلق بالمبادئ الأخلاقية. وعُرفت الخلايا الجذعية القادرة على النمو والتمييز على أنها من العناصر الرئيسية في دراسة الأحياء التطويرية وللعلاجات الطبية.
أضهر التعليقات

fb